كتب: سلامة عبد الحميد
يصر مهرجان القاهرة السينمائي على تعذيب رواده خاصة الصحفيين والإعلاميين الذين يحرصون على تغطية فعالياته وبعضهم يقوم المهرجان باستضافتهم من دول عربية وأجنبية بتكلفة تزيد من أعباءه المالية في ظل ميزانية محدودة بالأساس.
في الأعوام الماضية كنا كصحفيين وإعلاميين مصريين نشكو من تعدد أماكن انعقاد المهرجان وتزامن الفعاليات الهامة رغم أن كل الفعاليات كانت تقام في دائرة واحدة صغيرة بين دار الأوبرا المصرية وفندقي "جراند حياة" و"سوفيتيل"، وكنا نطالب إدارة المهرجان بالعمل على منحنا وقتا بين الفعاليات للإنتقال بين الأماكن الثلاثة التي تبعد عن بعضها ما بين 10 و20 دقيقة سيرا على الأقدام.
تفهم المهرجان أزمتنا لكنه لم يتمكن من ايجاد حل حقيقي لها حتى عندما أقدم في العامين الأخيرين على توفير "لنش" مائي يتحرك بين الفندقين عبورا لصفحة النيل كحل بديل للتنقل، لكنه كان حلا هزيلا وربما هزليا ولم يستخدم "اللنش" إلا هواة التنزه في النيل لأنه كان يقوم برحلة واحدة كل ساعة.
في دورته الجديدة أعلن المهرجان عن عرض الأفلام المصرية المشاركة جميعا في دار عرض سينما فاميلي بالمعادي، ولو كنت من سكان القاهرة فأنت تعلم أنه ربما استغرقك الأمر أكثر من ساعة للوصول إلى دار العرض المذكورة بسبب الزحام المروري الخانق، وما أدراك بكورنيش المعادي.
ربما يكون المهرجان معذورا لأنه لا يجد شاشات خالية لعرض أفلامه كون دورته الجديدة تقام في ذروة موسم سينمائي شهد بدء عرض 4 أفلام لنجوم كبار بينهم عادل إمام وأحمد السقا وأحمد حلمي وبالتالي فمن الظلم أن يطلب من دور العرض القريبة من مقره الرسمي أن تتخلى عن عروضها التجارية التي تدر أرباحا على دار العرض والمنتجين لعرض أفلام المهرجان التي لا يقبل عليها الجمهور أصلا وتلك حكاية أخرى تحتاج لحديث منفصل.
لكن ما ذنب ضيوف المهرجان ممن يحرصون على مشاهدة أفلام مسابقاته، وما ذنب الصحفيين والإعلاميين المطلوب منهم تغطية الفعاليات لصالح وسائل الإعلام التي يعملون بها والذين يكتسب المهرجان من خلال تغطياتهم قوته وتميزه باعتباره المهرجان الدولي الوحيد في المنطقة العربية.
في مدينة مثل العاصمة المصرية القاهرة المكدسة بالملايين من البشر يعد التنقل بين المناطق والأحياء أصعب الأزمات التي تواجه الجميع والمهرجان هذا العام يتزامن مع معركة انتخابية محتدمة وبالتالي يتزايد الزحام القائم بالفعل رغم أن المناطق التي يقام فيها لا تحتاج إلى سبب لإزدحام شوارعها المتجمدة عادة.
ولك أن تتخيل لو كنت في نفس موقفي كصحفي يتابع المهرجان أن مجرد انتقالك من ندوة أو عرض بالفندق أو دار الأوبرا لحضور عرض أخر في فاميلي سينما سيكون مغامرة غير محسوبة نتيجتها أنك غالبا لن تلحق الفيلم من بدايته أو ستصل إليه منهكا من رحلة مرورية مريرة، وما بالك لو أنك كنت على موعد للعودة إلى ندوة ثانية أو عرض أخر في مقر المهرجان مرة أخرى.
في الأعوام الماضية كنا نتحول إلى "حواة" على حد وصف أحد الزملاء الكبار سنا حتى نلحق بما يمكن اللحاق به من الفعاليات التي ينظمها المهرجان وهي بالعشرات يوميا، ولابد لك لو أردت أن تعود لمؤسستك الإعلامية بمادة للنشر أن تكون حاسما في اتخاذ قرار بتجاهل معظم الفعاليات حتى لو كانت مهمة لصالح تغطية مجموعة من الفعاليات التي يسمح لك الوقت وقرب المسافات بين أماكن عقدها بتغطيتها.
لكن يبدو أن شغل "الحواة" نفسه لن ينفع في الدورة الجديدة المقرر انطلاقها مساء الثلاثاء القادم لأن المسافات بين المناطق المعلن عن عقد الفعاليات فيها لا تسمح إلا باختيار ما تيسر وترك البقية، وهو أمر يجعل الكثير من الفعاليات تبدو خاوية تماما من المشاركين، وكم من العروض والندوات عقدت لأصحابها فقط وهو أمر مرجح أن يزيد في الدورة الجديدة.
ختاما نعود إلى مطلب قديم لن نمل من تكراره لربما يتحقق، فمهرجان القاهرة السينمائي الدولي يحتاج منذ سنوات طوال إلى اقرار خطة جريئة للعمل على انشاء مقر خاص به، ولا يمكن أن يستمر المهرجان في تسول الأماكن سنويا لإقامة ندواته وعرض أفلامه وليس من المقبول أن يظل المشاركون والمتابعون في حالة تنقل دائم بين مقرات عدة متباعدة لحضور الفعاليات.
وإلا فإن العودة إلى قاعة المؤتمرات الدولية في مدينة نصر أمر حتمي وعلاج صعب لكنه ناجع حتى يقضي الله أمرا كان مفعولا، عسى أن يتحقق الحلم.
يسمح بنقل أو استخدام المواد المنشورة بشرط ذكر المصدر أي نوع من التعدي يعرض صاحبه للمسائلة القانونية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق